الجدل الإسلاميّ المسيحيّ في القرن الثالث الهجريّ

 


الجدل الإسلاميّ المسيحيّ في القرن الثالث الهجريّ



1-لأثري عليّ بن ربّن الطبريّ "الردّ على النصارى" و"الدين والدولة في إثبات نبوّة النبيّ محمّد" أهمّية خاصّة، إذ هما أوّل إنتاج وصلنا في الجدل الإسلاميّ المسيحيّ من وضع نصرانيّ –نسطوريّ أسلم، ومثّل بكتاباته مرحلة هامّة من المراحل المبكّرة التي مرّ بها الفكر الإسلاميّ في صلته بالمسيحيّة.

2-وُلد الطبريّ في حدود (157هـ/772م) في طبرستان من أسرة نصرانيّة، أخذ عن والده الطبّ والفلسفة وعلم اللاهوت، كما كان له عمٌّ مشهور في الجدل كان قد ألّف كتابًا في الردّ على أهل الأديان. ثمّ تولّى الطبريّ الكتابة لملوك بلاده مدّة طويلة، وتحوّل في سنّ متأخّرة إلى عاصمة الخلافة وأسلم في سنّ السبعين على أيدي الخليفة المعتصم، وقرّبه الخليفة المتوكّل وجعله من جملة ندمائه.

3-وفي بغداد ألّف عليّ بن ربّن الطبريّ كتاب "الردّ على النصارى" وبعده كتاب "الدين والدولة في إثبات نبوّة النبيّ محمّد" وقد أظهر في هذين الكتابين تمكّنًا من علوم الجدل والتأريخ للمعتقدات ومعرفة بلغات الكتب المقدّسة كالسريانيّة والآراميّة والعبريّة واليونانيّة، مما جعل من كتابيه في علم الأديان المقارن مرجعين أساسيين لكلّ من حاول فهم النصوص التوراتية والإنجيلية من علماء المسلمين، سواء من فسّروا القرآن الكريم كالفخر الرازيّ وابن ظفر الصقلّيّ، أو من ألّفوا في الجدل الإسلاميّ المسيحيّ بداية من القرن الثالث إلى نهاية القرن الثامن الهجريّ، كالعامريّ والقاضي عبد الجبّار الهمذانيّ وابن تيمية.

4-لقد حظيت أعمال الطبريّ باهتمام كبير لدى طائفة من الباحثين في العصر الحديث، المستشرقين منهم بالخصوص، إلّا أنّها كانت غير محظوظة في الدرس العربيّ المقارن للأديان، ومن هنا تأتي أهمّية نشرتنا لكتابي الطبريّ، والتي تصدّرتها دراسة مستفيضة (فكريّة وتقنيّة) عن المخطوطات والنشرات السابقة، وعرض نقديّ لكلّ الدراسات الأعجميّة عن عليّ بن ربّن الطبريّ وكتابيه، وقراءة دقيقة ومتفحّصة للكتابين بتتبّع تأثيراتهما في جداليّات المسلمين اللاحقة المطبوعة والمخطوطة.


تعليقات

المشاركات الشائعة